بدأ
الإنسان طريق المعرفة بالملاحظة والتجريب، فقادته الملاحظة إلى طرح أسئلة للحصول
على مزيد من المعرفة، وهكذا
أصبح السؤال مفتاح المعرفة، و من أهم تلك الأسئلة لماذا؟ وكيف؟ ومع تطور أساليب البحث ، وتغير مفهومنا عن العلم، وتزايد
الحقائق والنظريات التي يتضمنها مجال ما، أصبحت "عملية الاستقصاء Inquiry" تساعد على بناء أساس إدراكي للمجال
الذي يتم استخدام هذه العملية لدراستها. في الماضي، كان التدريس التقليدي يركز على تلقين الطالب المعلومات، ويهتم بحفظه
لها دون تطبيق الفكرة، فقد برزت الحاجة للبحث عن مداخل جديدة للتدريس تسمح بإعمال الفكر، وتشجع المتعلمين على النشاط
البدني والعقلي أثناء التعلم. ويعد الاستقصاء Inquiry ، من أهم الطرق لتربية الطالب؛ ليكون متعلما نشطا، يسعى لاستقصاء
المفاهيم والمبادئ والقوانين والنظريات الخاصة بمحتوى العلوم التي يدرسها بنفسه.
ولهذا، فإن المدخل الاستقصائي يختلف عن مداخل التدريس المتبعة حاليا في المدارس لتدريس المقررات المختلفة،
حيث يكون الطالب وفق تلك المداخل سلبيا يتلقى المعلومات جاهزة عن طريق شرح المعلم أو قراءة الكتاب
المدرسي، أو غير ذلك من الوسائل .
بينما
تقوم فكرة الاستقصاء على أساس إتاحة الفرصة أمام الطلاب للتفكير والعمل المستقل،
والحصول على المعرفة بأنفسهم،
كما يأخذ الطلاب بسمات الموقف العلمي المتكامل الذي
يضع الطالب في مواجهة إحدى المشكلات، ويكون عليه أن يعمل بنفسه
لحلها. ومع بداية
القرن العشرين نادى "جون ديوي" Dewey بجعل الاستقصاء العلمي جزءا من مادة
العلوم، إذ رأى أن تعلم
طبيعة العلم البحثية لا يقل أهمية عن تعلم الحقائق
العلمية. ويرجع رأي "ديوي" هذا إلى فلسفته في التربية، ورؤيته المتعلقة
بأصل المعرفة، فالمعرفة عنده تنتج من جهد الإنسان في أثناء معالجته شئون الحياة.
فعندما يسعى الإنسان لتحقيق حاجاته
ومطالبه، فإنه ينظر إلى خبراته السابقة، من
معلومات ومهارات وعادات، فيراجعها ويقومها، وقد يستنبط غيرها لإيجاد حلول
سليمة في
الموقف الذي يعيش فيه. وهنا يكون مجال نمو المعرفة وزيادتها هو الخبرة، وتكون
وسيلة الإنسان لتنميتها البحث
والاستقصاء، وممارسة عمليات التعميم والتقويم
والتجريب، وهي مكونات الطريقة العلمية ومراحلها.
يُقصد
بالاستقصاء الموجه ما يقوم به المتعلم تحت إشراف المعلم وتوجيهه، أو ضمن خطة بحثية
أُعدت مقدماً، ويعتمد
هذا النوع من الاستقصاء على المتعلم ولكن في إطار واضح، محدد
الأهداف، ويرى بعض المربين أن هذا النوع من
الاستقصاء أكثر عمليةً من الاستقصاء
الحر، ويناسب التعليم من خلال مناهج دراسية محددة، ولا سيما أننا
نسعى للانتقال من
الأساليب التقليدية إلى أساليب تعتمد على المتعلم، فهو مرحلة وسطية بين الحداثة
والتقليدية في
التدريس، فبدلاً من أن نضع الطالب في مواقف لم يعتدها ولم يخبرها من
قبل، فإننا نهيئه لما يجب أن يكون عليه
مستقبلاً .
خطوات الاستقصاء الموجه
1)
تحديد المشكلة. (2) تحديد الفروض الممكنة لحل المشكلة. (3) جمع المعلومات اللازمة
لاختبار الفروض وحل
المشكلة. (4) مراجعة الفروض. (5) تكرار الخطوات (1-4) حتى يتم
إيجاد الفرض الصالح لحل المشكلة وتفسير كافة
المعلومات.